2011/02/25

الزي الموحد للثوار

بعدما سقط رأس النظام، وجدتني محاصر بدعاوى و ملصقات تدعو الناس لتنظيف الشوارع و طلاء الأرصفة، حتى بلغت الحماسة بأحدهم إلى طلاء إطارات سيارتي أثناء تركي لها في الشارع، و لا أخفي عليكم سرا إن أخبرتكم بأنني في الأول إمتعضت من تحويل الثورة إلى ملصقات و مبادرات و أغاني جديدة في حب مصر تضاف لمئات مثلها، و إن كان أغلب ما سبقها من أغاني وضعت بُعَيد مباريات كرة القدم. كان أول ما ورد في خاطري حينها هو التساؤل، هل ضحى هؤلاء الشهداء فعلا بأرواحهم من أجل طلاء أعمدة الإنارة و أرصفة الشوارع؟

بعدها وجدتني محاصر بمناقشات حامية على صفحات المدونات و تغريدات التويتر تحد عنوان، ماذا بعد؟ كلنا يخشي الثورات المضادة و لا ندري فعلا هل سقط النظام، أم أن رأسه فقط هي التي سقطت. على كل، ففي خضم تلك المناقشات وجدت نزوع الكثيرين إلى وصم من يخالفهم في الرأي بأنه يسعى لتخريب الثورة، فمن يطرح تعديل مواد معينة من الدستور فهو عميل للنظام البائد، و من ينتقد الجيش فهو من أرباب الثورة المضادة و يسعى لتخريب العلاقة بين الثوار و الجيش، أما من يمتدح الجيش في موقف ما فهو من دعاة الخنوع و من ذيول النظام البائد. و هنا وجدتني أتسائل، هل فعلا يجب علينا الآن وئد إختلافاتنا حتى تنتصر الثورة؟ أم أن إختلافاتنا هي سر قوتنا بعكس خلافاتنا؟ ألم تكن عفوية الثورة التي جمعت أطياف الشعب المختلفة ذات الأيديولوجيات المتناقضة هي سر نجاح الثورة؟ ألا يدين مثلي ممن لم يحبذ العنف و يفضل التظاهر السلمي إلى ذلك الذي تحدى قوات الأمن المركزي في جمعة الغضب و أجبرها على التراجع؟ ألا يدين ذلك الذي فضل رد عنف الشرطة بالعنف المقابل إلى ذلك الذي كان يهتف بجانبه من إجل إستمالة ناس أكثر للنزول من بيوتها و الإنظمام إليهم؟ و ألا يدين الإثنين لذلك الذي ظل في بيته يحميه بجانب بيوتهم هم ضمن اللجان الشعبية؟

أعجبتني سلمى الدالي حين أوجزت تلك الفكرة في إحدى تويتاتها:
لو كان المصريون جميعاً بنفس الحماسة للنزول لمظاهرة ما استقام حال البلاد، ولو كان المصريون جميعاً ينزعون إلى الاستقرار لكان جمال يحكم غداً.

بالتأكيد الأمر ليس بتلك الوردية، فمعظمنا يؤمن بصواب فكرته و يرى أنه من الأفضل إستمالة أكبر عدد من الناس إلى الإسلوب النضالي الذي يفضله، و بالتالي فمن مصلحته إبعادهم عن الأساليب المقابلة, لكن - و مرة أخرى - فوجود أراء مضادة في حد ذاته نعمة، لأنه لو حاول كل صاحب فكرة مناقشة الأخرين في أفكارهم، فمن المرجح أن يقتنع الأغلبية بالفكرة الأفضل أو أن يصلوا كلهم لفكرة جديدة أفضل من كل الأفكار المطروحة. لذلك فطالما إمتعضت من محاولات الناس إلباس الثوار زي موحد و ووضعهم في صندوق واحد، فلم أستسغ تسمية الثورة بثورة الشباب و دعوة ساكني ميدان التحرير لتكوين حزب يجمعهم، فلم يقتصر الميدان على الشباب فقط، ولا يوجد حزب يمكنه جمع سكان الميدان بأيديولوجياتهم المختلفة، ولا يوجد أحد بإمكانه تمثيلهم أو التحدث بإسمهم، فمن في الميدان كانوا و سيظلوا مصرا مصغرة بكل أطيافها.

و كما قال مايكل حبيب على تويتر:
كما أن قوتنا في وحدتنا، فإن قوتنا أيضا موجودة في الإختلافات الموجودة فينا

و في النهاية، حبذا لو رأى أي منا أحدهم يطرح أفكار يراهو هو هدامة و مضرة للثورة، بل و ممهدة لثورة مضادة، أن يبدأ و بعلو صوته في مناقشتها و تفنيدها في مدونته أو على الملأ دون أن يخون أصحابها

هناك 5 تعليقات:

Rasha يقول...

طارق...مينفعش يبقى فيه like button for facebook?
تدويناتك فعلا مميزة وتهم ناس كتير انهم يقروها...
شكرا :)

Unknown يقول...

شكرا جزيلا يا رشا على مرورك
و قض تمت إضافة الزرار بنجاح
شكرا مرة أخرى

Unknown يقول...

طيب متوضحه شوية يا هندزة؟ اللايك يعني

:D

Unknown يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
غير معرف يقول...

فكرت فى الموضوع ده كتير يا طارق, اللى هو إختلافنا فى الرأى و الخلاف الفظيع اللى حاصل دلقتى بين ناس كتير و يمكن أدى كمان لناس إنها تقطع علاقتها ببعض... ووصلت إن المشكلة إن كلنا مش عندنا ثقافة الحوار حتى اللى بيحاول يطبقها مش بيعرف, لأننا يا إما بنقاطع بعض عشان نرد على بعض, و ده مش بيوصلنا لأى حاجة و محدش فى الآخر بيعرف يوصل وجهة نظره صح... و برده من الصعب إنك تسمع اللى قدامك لما يخلص كل كلامه, عشان بتقع منك بعض الحاجات فى الآخر و مش بتعرف ترد على كل الكلام, أو بعض الناس بتاخدهم الحماسة و يبقى عايز يوصل فكرته أوى اللى هو شايفها صح, و مش بيسمع أصلان لأى رأى تانى(و على فكرة ساعات ده بيبقى من غير ما يقصد)... و اكتشفت ان الموضوع أهل فى الشات أو لما بتتكلم مع حد على مسج فى الفيسبوك عشان بتكتب كل اللى عايز تقوله, و بعدين تقرا الرد كامل و تقدر ترد على نقطة نقطة فيه.
و حاجة كمان متهياءلى فشلنا فيها كلنا فشل ذريع و هى فكرة تقبل الآخر اللى أول ماتحطينا فى امتحان بجد مقدرناش نفبل آراء الناس اللى ضدنا...
معلش على طول التعليق... أنا ساعات بتاخدنى الجلالة و برغى كتير
فاطمة بسيونى